لفت الوزير السابق زياد بارود،ردًّا على بيان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، حول رفضه دعوة مجلس الوزراء للاجتماع، التزامًا بنصّ المادّة 64 من الدستور الّتي تحصر صلاحيّات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال،إلى أنّ "البيانالّذي قرأناه هو وجهة نظر، لأنّ الدستور لم يحسم ما هو المقصود بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال".
وأشار، في حديث إلى "النشرة"، إلى أنّ "التذرّع بالدستور وبالنصّ الدستوري إذا كان واضحًا جدًّا، أنا أتفهّمه، لكنّنا في هذه الحالة أمام نصّ دستوري يكتفي بالقول إنّ الحكومة المستقيلة تمارس صلاحيّاتها بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال، وهو النصّ الوحيد الوراد في الدستور".
وأوضح بارود، أنّ "برأيي الدستوري والقانوني وليس السياسي، أستند إلى 3 إشارات، هي:
1- القرار الّذي صدر عام 1969 عن مجلس شورى الدولة، وهو المحكمة الإداريّة العليا، والّذي فسّر المقصود بتصريف الأعمال، وقال إنّه كل ما هو مُلحّ ويرتبط بمهل نَصَّ عليها القانون، أو يتعلّق بسلامة البلاد وأمنها. اعتبَر المجلس أنّ كلّ هذه الأعمال إذا كانت تندرج في هذا الإطار، فهي ضمن المعنى الضيّق لتصريف الأعمال.
2- قرار مجلس شورى الدولة عام 1995، عندما أضاف إلى هذا التعليل أنّ حكومة تصريف الأعمال ينبغي ألّا تلقي بأعباء ماليّة إضافيّة، وألّا تلزم الحكومة العتيدة بالتزامات كبرى.
3- رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل مؤخّرًّا، وقد ذهبت في الاتجاه نفسه".
وبيّن "أنّني أستند أيضًا إلى سوابق عدّة، منها:
1- عام 1969، في حكومة الراحل رشيد كرامي، وكانت حكومة مستقيلة، اجتمع مجلس الوزراء وأقرّ مشروع الموازنة، لأاّنه برتبط بمهل.
2- عام 1979، عندما اجتمع المجلس بحكومة سليم الحص المستقيلة يومها، لإقرار مشاريع قوانين مستعجلة.
3- السّابقة الثالثة وهي الأحدث، عندما اجتمع مجلس الوزراء وكانت حكومة نجيب ميقاتي مستقيلة عام 2013، لتعيين رئيس وأعضاء هيئة الإشراف على الانتخابات".
وتساءل بارود: "كلّ هذا يخالف الدستور؟ هل كان كرامي والحص وميقاتي يخالفون الدستور عندما جمعوا مجلس الوزراء في حكومات مستقيلة؟ قطعًا لا"، مفسّرًا أنّ "بمعزل عن أيّ اصطفاف سياسي، الموضوع يتعلّق بأمر ملحّ للغاية، يستوجب برأي الناس والشارع أن يجتمع مجلس الوزراء بصورة استثنائيّة وليس اعتياديّة، وببند وحيد على جدول الأعمال، لأمر بهذا الحجم ينهك اللبنانيّين ويقضّ مضاجعهم ويجعلهم غير قادرين على الاستمرار".
كما سأل: "أليس مجلس الوزراء من يضع هذه السياسة؟ هل هناك أمر أكثر إلحاحًا ممّا نراه على مستوى طوابير الذلّ وموضوع الدعم والرغيف المفقود والمازوت في السوق السوداء؟ هل المطلوب أن تصبح حكومة تصريف الأعمال حكومة غائبة كليًّا، أو توقّع البريد العادي؟ المدير العام يوقّع البريد العادي، والأمر ليس بحاجة إلى حكومة".
وشدّد على أنّ "اعتبار أنّ عدم اجتماع مجلس الوزراء في ظلّ أمور خطرة كهذه، طبيعي، هو خطير. عدم اجتماعه غير طبيعي، والأَسلم أن يجتمع استثنائيًّا وليس بصورة اعتياديّة، لمواجهة واتخاذ قرارات لأمور ملحة ترتبط بسلامة الناس وأمن البلد القومي والاجتماعي والغذائي"، لافتًا إلى أنّه "لا يمكن لحكومة ولو كانت مستقيلة، أن تستقيل من هذا الحدّ الأدنى من الواجبات الوطنيّة".
ورأى بارود أنّه "حتّى لو كان الدستور يحرّم على مجلس الوزراء أن يجتمع، إذا كانت سلامة البلد وأمنه وحقوق الناس تستوجب أن يجتمع، فلن أقول لهم خالفوا الدستور واجتمعوا، لكنّ الأخير لا يمنع حكومة تصريف الأعمال من الاجتماع، وهذا الرأي مبني على على قرارات قضائيّة وسوابق سبق أن ذكرتها".
إلى ذلك، تساءل: "أليس ضبط الانزلاق إلى الهاوية من صلاحيّات الحكومة ولو مستقيلة؟ ألا يفرض الدستور على السلطة السياسيّة أن تحمي البلد؟"، مؤكّدًا أنّ "الهدف من الدستور حماية البلد، ومن المؤسف سماع هذا الجدل في هذا الوقت. هذه المسألة لا تخصّ الأفرقاء السياسيّين، ومن المعيب أن نضع الأمور في سياق الاصطفاف السياسي". وأشار إلى أنّ "السؤال اليوم: كيف نحمي المواطنين والمواطنات بالحدّ الأدنى، إن على مستوى مجلس النواب أو الحكومة أو الرئاسة أو القضاء أو الإدارات أو الأجهزة الأمنيّة؟ السؤال ليس الدخول في جدل دستوري، فالهدف حماية الناس والبلد. وما الأخطر من حماية البلد كي يجتمع مجلس الوزراء، ولو الحكومة مستقيلة؟".